2017-12-20

عباس لغرور

التسميات

عباس لغرور


  • مولده و نشأته:


ولد الشهيد عباس بن محمد الملقب لغرور في 23 جوان 1926، بدوار نسيغة بخنشلة ونشأ في أحضان أسرة متواضعة الحال. ولكنها تتمتع بروح نضالية عالية حيث أن عدداً كبيراً من أقرباء الشهيد كانوا من مناضلي الحركة الوطنية، وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن الأخ الشهيد الذي يدعى شعبان لغرور استشهد في معركة عين أعبيد في بداية الثورة. تعلم عباس القرآن الكريم والتحق بالمدرسة الابتدائية بمسقط رأسه حتى تحصل على الشهادة الابتدائية باللغة الفرنسية. يصفه كل من عرفه بحسن الخلق والأخلاق فهو ذلك الرجل المتسامح العطوف والمثقف الذي يعتبر إلى يومنا أحد القادة الروحيين لثورة التحرير.

عمل الشهيد في سنة 1948 طباخاً عند حاكم المدينة، ليكون في مأمن من ملاحقات البوليس الفرنسي في نضاله ضمن صفوف الحركة الوطنية. زاد اهتمام عباس لغرور أو “سي عباس” “لقبه الثوري” بأمور السياسة منذ أن أحس بما يعانيه شعبه من اضطهاد سياسي، واجتماعي واقتصادي من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي، فنما عنده الحس الثوري وآمن بضرورة تغيير الأوضاع.

  • نضالة السياسي :


انخرط الشهيد في صفوف حزب الشعب الجزائري (PPA) تحت قيادة إبراهيم حشاني، وشارك في مظاهرات 8 ماي 1945 التي نظمت بمنطقة خنشلة آن ذاك، ثم واصل نشاطه السياسي في إطار حزب انتصار الحريات الديمقراطية (MTLD).وفي سنة 1951 اكتشف حاكم المدينة حقيقة هوية ذلك الطباخ الذي صافح المسؤول الجهوي لمنطقة الأوراس “إبراهيم حشاني” بسوق المدينة، فطرده من منصب عمله، ففتح عباس دكاناً للخضر والفواكه، ليجعل منه فيما بعد مقراً سرياً لمناضلي المنطقة. وفي نفس السنة بادر “سي عباس” إلى تنظيم مظاهرة احتجاجية كان الهدف منها هو لفت الرأي العام للوضعية المأساوية التي يعاني منها الشعب في ظل حكم الاحتلال الفرنسي، وعقب هذه المظاهرة مباشرة قبض على “عباس” وزج به في السجن لمدة 3 أيام بتهمة التمرد، فعذب مرات عديدة.أصيب لغرور بمرض صدري الأمر الذي أجبره على الانتقال إلى مدينة باتنة للعلاج وبعدها عاد إلى خنشلة ليواصل نضاله.

ولقد دعا تزايد عدد المناضلين ضد الاستعمار إلى ضرورة التنظيم، فتكونت إدارة تسمى “الإدارة العليا” تتكون أساساً من شيحاني، عباس لغرور، عجول عجول، شريط لزهر، قتال الوردي، عمر البوقصي، والزين عابد وجيلاني السوفي، وتم توزيع القيادات على أربع مناطق من ناحية جبل البياضة، ناحية قنتيس، ناحية الحدود الجزائرية التونسية ومنطقة الشريعة (تبسة)، حيث اتفق ممثلو القيادات على عقد مؤتمر تلتقي فيه تحت رئاسة بن بولعيد ، وتم تعيين اللجنة التي تقوم بتحضير المؤتمر وتتكون من: عباس لغرور، عثماني عبد الوهاب، الوردي قتال وعمر بن بولعيد الذي مثل أخاه مصطفى.

شارك الشهيد كممثل للولاية الأولى رفقة الشهيدين بن بولعيد وشيهاني في مؤتمر حركة الانتصار للحريات الديمقراطية الذي انعقد في 15 أوت 1954 بالعاصمة وضم 36 عضواً من اللجنة المركزية. ويؤكد الحاج لخضر مراد رفيق درب النضال أن عباس كان مصراً على رفض عقد اجتماع في الخارج وكان يلح كذلك على ضرورة التعجيل بتفجير الثورة.

تنبأ بن بولعيد مصطفى وشيهاني بشير في عباس لغرور الرجل القائد والمسؤول الثائر، فعيناه على رأس قيادة منطقة الأوراس. إن الخصال التي كان يتمتع بها الشهيد أهلته لقيادة فرقة من الكومندو تتكون من ثوار آمنوا بالبندقية سلاًحاً وبالحرية هدفاً وبالحرب وسيلة ومن هؤلاء نذكر: تيجاني عثماني، شريط لزهر، مرير لحسن، عبد الحفيظ صوفي، غزالي بن عباس… بدأت التحضيرات بإعداد مخططات الهجومات، شراء الأسلحة، الأدوية، والتدريب شبه العسكري مع تحديد أماكن الهجوم والعودة بالذخيرة العسكرية.

وقبيل تنفيذ عمليات الهجوم في أول نوفمبر 1954 ألقى عباس لغرور على مسامع المجاهدين خطاباً حماسياً ليرفع من معنوياتهم ويزرع في قلوبهم الروح القتالية حيث قال: “على كل واحد منا بذل قصارى جهده لضمان النجاح على أفضل صورة ممكنة، إنني أعرف بأننا سنجابه العدو وأيدينا فارغة عملياً وليس لدينا إلا ما يغمر قلوبنا، غير أن ما نعتمد عليه في هذه الليلة التاريخية هو إشعال الفتيل المفجر للثورة وإنني على ثقة تامة بأن الشعب الجزائري بكامله سيتبع مسيرتنا على هذا الدرب، ويحمل كل فرد منا في شخصه الآن وفي هذه اللحظة بالذات قسماً كبيراً من المسؤولية على نجاح الهجوم من الأهداف المحددة”.

ولقد تكونت فرقة عسكرية هجومية بمنطقة خنشلة تحت قيادة عباس لغرور تضم 40 مجاهداً، شاركت في عدة هجومات ومعارك نذكر من بينها: معركة تفاسور (ششار) 1955، معركة لبعل بكيل جانفي 1956، معركة الزاوية مارس 1956، معركة وادي الجديدة جويلية 1956، معركة كنتيس مراح البارود أكتوبر 1956، معركة عباس لغرور أكتوبر 1956، معركة البياضة استمرت 24 ساعة متواصلة ومعركة الجرف الكبرى في سنة 1955.ونشير إلى أنه من أولى الأهداف التي هاجمها الثوار تحت قيادة عباس لغرور دار الحاكم بعد قطع التيار الكهربائي.

  • استشهاده:


تشاء الأقدار أن يلتحق عباس لغرور في شهر مارس سنة 1957 بجوار الصالحين والصديقين والشهداء الأبرار، حيث وقع ضحية اختلاف مع لجنة التنسيق والتنفيذ (CCE) وجرت محاكمته بطبرقة بالقطر التونسي . هكذا تكون نهاية عباس لغرور أحد قادة الثورة في الأوراس. أعيد دفن جثمانه في المقبرة الوطنية بالعالية (الجزائر العاصمة) في يوم 5 جويلية 1985.